الحمد لله ، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وآله، وصحبه أجمعين،أما بعد:
أيتها المؤمنة: عشر وصايا أضعها بين يديك، ترضين بها ربك، وتسعدين بها زوجك، وتحفظين بها عرشك.
الوصية الأولى: تقوى الله والبعد عن المعاصي:إذا أردت أن تعشش التعاسة في بيتك، وتفرخ فاعصي الله !
إن المعاصي تهلك الدول وتزلزل الممالك..فلا تزلزلي بيتك بمعصية الله، ولا تكوني كفلانة عصت الله، فقالت- نادمة، باكية- بعد أن طلقها زوجها: جمعتنا الطاعة، وفرقتنا المعصية. يا أيتها المؤمنة : احفظي الله ؛ يحفظك، ويحفظ لك زوجك وبيتك . إن الطاعة تجمع القلوب، وتؤلف بينها، والمعصية تمزق القلوب، وتشتت شملها؛ ولذلك كانت إحدى الصالحات إذا وجدت من زوجها غلظة ونفرة؛ قالت: أستغفر الله .. ذلك بما كسبت يداي، ويعفو عن كثير.
فالحذر الحذر أختي المسلمة من المعاصي وعلى الأخص:
1- ترك الصلاة أو تأخيرها أو أداؤها على غير الوجه الصحيح.
2-مجالس الغيبة والنميمة، والرياء والسمعة.
3-انتقاص الآخرين، والسخرية منهم : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهنَُّ...[11] }[سورة الحجرات].
4- الخروج إلى الأسواق بغير ضرورة وبدون محرم.. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا] رواه مسلم.
5- تربية الأطفال تربية غربية، أو ترك تربيتهم للخادمات والمربيات الكافرات.
6- تقليد الكافرات.. فـ: [مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ] رواه أبوداود وأحمد.
7-مشاهدة الأفلام الخليعة.
8-قراءة المجلات الماجنة.
9-دخول السائق والخادمة إلى المنزل بلا ضرورة.
10-إهمال الزوج ومعصيته.
11-مصاحبة الفاجرات والفاسقات..فـ: [الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ] رواه أبوداود والترمذي وأحمد.
12-التبرج والسفور.
الوصية الثانية: التعرف على الزوج : أن تتعرف المرأة على زوجها..تعرف ماذا يحب ، فتحاول أن تلبيه، وتعرف ماذا يكره، فتحاول أن تجتنبه، مالم يكن في التلبية، أو الاجتناب لأمر ما معصية لله، فعندئذٍ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
الوصية الثالثة: الطاعة المبصرة للزوج، وحسن المعاشرة: إن حق الزوج على زوجته عظيم.. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا ] رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد. وأول هذه الحقوق: الطاعة في غير معصية الله، وحسن عشرته وعدم معصيته قال عليه أفضل الصلاة والسلام: [ اِثْنَانِ لَا تُجَاوِز صَلَاتهمَا رُءُوسهمَا: عَبْد آبِق , وَامْرَأَة عَصَتْ زَوْجهَا حَتَّى تَرْجِع ] رواه الحاكم. ولذلك قالت عائشة أم المؤمنين تعظ النساء: 'يا معشر النساء لو تعلمن بحق أزواجكن عليكن لجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن قدمي زوجها بخد وجهها'.
أنت من خير النساء !!
بطاعتك لزوجك، وحسن معاشرته؛ تكونين بإذن الله من خير النساء، قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:'أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ؟' قَالَ: [الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ وَلَا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَهُ] رواه النسائي وأحمد. واعلمي أنك من أهل الجنة- بإذن الله- إن اتقيت الله، وأطعت زوجك؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ] رواه أحمد.
الوصية الرابعة: القناعة: نريد من المرأة المسلمة أن ترضى بما يقسم لها قلَّ أو كثر .. فلا تطلب من زوجها مالا يستطيع، أو مالا تمس الحاجة إليه .. وقد ورد في الحديث: [أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً...] من هي يا ترى'! أهي التي تلبس أغلى الثياب- ولو اقترض زوجها ثمنها من بعض الأصحاب؟! كلا .. والله ..[ أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً ] رواه أحمد.
وتأملي أختي أدب نساء السلف رضي الله عنهن.. كانت إحداهن إذا هم زوجها بالخروج من البيت أوصته وصية .. ما هذه الوصية؟ تقول له:'إياك وكسب الحرام ، فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار' .. أما بعض نسائنا اليوم فبماذا يوصين أزواجهن إذا هموا بالخروج من البيت؟ اترك الإجابة على هذا السؤال لأني على يقين أنك أعلم بالإجابة مني.
الوصية الخامسة: حسن تدبير شئون البيت: ومن حسن التدبير: تربية الأولاد، وعدم تركهم للخادمات، ونظافة البيت وحسن ترتيبه، وإعداد الطعام في الوقت المناسب .
ومن حسن التدبير: أن تضع المرأة مال زوجها في أحسن موضع، فلا تسرف في الزينة والكماليات، وتخل بالضروريات.
وتأملي حفظك الله في قصة هذه المرأة .. امرأة الحطّاب.. قالت : إن زوجي إذا خرج يحتطب [يجمع الحطب من الجبل] أُحِسُّ العناء الذي لقيه في سبيل رزقنا، و أُحِسُّ بحرارة عطشه في الجبل تكاد تحرق حلقي، فَأُعِدُّ له الماء البارد حتى إذا ما قدم وجده، وقد نسقت و رتبت متاعي وأعددت له طعامه، ثم وقفت أنتظره في أحسن ثيابي، فإذا ما ولج الباب استقبلته كما تستقبل العروس عروسها الذي عشقته، مسلمة نفسها إليه .. فإذا أراد الراحة أعنته عليها، وإن أرداني كنت بين ذراعيه كالطفلة الصغيرة يتلهى بها أبوها'.
الوصية السادسة: حسن معاشرة أهل الزوج وأقاربه: وأخص بذلك أمّه التي هي أقرب الناس إليه .. فيجب أن تتوددي إليها، وتتلطفي معها، وتظهري الاحترام لها، وتتحملي أخطاءها، وتنفذي في غير معصية الله ـ أوامرها ما استطعت إلى ذلك سبيلاً. كم من البيوت دخلها الشقاق والخلاف، بسبب سوء تصرف الزوجة تجاه أم زوجها..وعدم رعايتها لحقها.. تذكري يا أمة الله أن التي سهرت وربت هذا الرجل الذي هو زوجك الآن ..هي هذه الأم..فاحفظي لها جهدها، وقدري عملها {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ[60]}[سورة الرحمن].
الوصية السابعة: مشاركة الزوج في أحاسيسه ومشاعره، ومقاسمته همومه وأحزانه:
إذا أردت أن تعيشي في قلب زوجك؛ فعيشي همومه وأحزانه .. ولعلي أذكرك بامرأة ظلت تعيش في قلب زوجها حتى بعد موتها، ظل يذكرها، ويذكر مشاركتها له في محنته وشدته، ظل يحبها حباً غارت منه زوجته الثانية التي تزوجها بعدها، فقالت ذات يوم:' مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ وَمَا رَأَيْتُهَا وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا'.. وذات مرة قالت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكر خديجة:' كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ' فَيَقُولُ: [إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ]رواه البخاري ومسلم.
وجاءت رواية تفسر قوله: [إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ] وفيها: [قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ] رواه أحمد.
إنها خديجة التي لا ينسى أحد تثبيتها للنبي صلى الله عليه وسلم، وتشجيعها إياه، ووضعها كل ما تملك تحت تصرفه من أجل تبليغ دين الله للعالمين. لا ينسى أحد قولتها المشهورة التي جعلت النبي مطمئناً بعد اضطراب، وفرحاً بعد اكتئاب، لما نزل عليه الوحي لأول مرة: ' كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ 'رواه البخاري ومسلم. فكوني يا أختي المسلمة كخديجة رضي الله عنها وعنّا جميعاً .
الوصية الثامنة: شكر الزوج على جميل صنيعه،وعدم نسيان فضله: [مَنْ لَمْ يَشْكُرْ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرْ اللَّهَ] رواه الترمذي وأحمد. فلا تكوني من اللاتي لو أحسن إليها زوجها الدهر كله ثم رأت منه شيئاً قالت ما رأيت منك خيراً قط .. ولقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ] فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: [تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ] رواه البخاري ومسلم . وكفران العشير: جحود فضل الزوج، وعدم القيام بحقه.
أيتها الزوجة: شكر الزوج يكون ببسمة على محياك تقع في قلبه، فتهون عليه بعض ما يلقاه في عمله، أو بكلمة حانية ساحرة تفيد حبك في قلبه غضًا طريًا.. أو بكلمة بإعذاره عن خطئه في حقك .. وأين هذا الخطأ في بحر فضله وإحسانه إليك.
الوصية التاسعة: كتمان أسرار الزوج وستر عيوبه: الزوجة موطن سر الزوج، وألصق الناس به، وأعرفهم بخصائصه .. ولئن كان إفشاء السر من الصفات الذميمة من أي شخص كان، فهو من الزوجة أعظم وأقبح بكثير.. إن مجالس بعض النساء لا تخلو من كشف، وفضح لعيوب الزوج، أو بعض أسراره؛ وهذا خطره جسيم، وإثمه عظيم، فحافظي أختي المسلمة على أسرار زوجك، واستري عيوبه ولا تظهريها إلا لمصلحة شرعية كالتظلم عند القاضي، أو المفتي، أو من ترجين نصحه .
وأخيراً: الفطنة والكياسة .. والحذر من الأخطاء:
فمن الأخطاء: وصف الزوجة لزوجها محاسن بعض النساء اللاتي تعرفهن .. وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: [لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا] رواه البخاري. هل تعرفين لماذا؟!
ومن الأخطاء: ما تفعله كثير من الزوجات عند رجوع أزواجهن من العمل .. فما أن يجلس الزوج مستقراً حتى تذكره بما يحتاجه البيت من مطالب، وما يجب عليهم تسييره من الأمور، ومصاريف الأولاد .. والزوج لا يرفض الحديث في مثل هذه الأمور، ولكن يجب أن تتحين الزوجة الوقت المناسب لذلك..
ومن الأخطاء: ارتداء أحسن الثياب، والتحلي بأحسن الحلي عند الخروج من البيت، وأما عند الزوج .. فلا جمال ولا زينة ..إلى غيره من الأخطاء التي تنغص على الزوج متعته بزوجته. والزوجة الفطنة هي التي تجتنب ذلك كله.
وإليك وصية تلك الأم الحكيمة لابنتها وهي تعظها، فقالت:'أي بنية، إنك قد فارقت بيتك الذي فيه درجت، إلى رجل لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فكوني له أمة يكن لك عبداً، واحفظي له خصالاً عشراً يكون لك ذخراً:
أما الأولى والثانية: فالخشوع له بالقناعة ، وحسن السمع والطاعة.
أما الثانية والرابعة: فالتفقد لموضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت نومه وطعامه، فإن ثورات الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله، والإرعاء على حشمه وعياله، وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمراً، ولا تفشين له سراً، فإنك إن خالفت أمره؛ أوغرت صدره، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره.. ثم إياك والفرح بين يديه إذا كان مهموماً، والكآبة بين يديه إن كان فرحاً