إن التاريخ يذكر لنا منهن :
سكينة بنت الحسين .
ونفيسة من نسل الحسن .
وزينب طبيبة بني أود في زمن بني أمية .
وذكر ابن عساكر أن عدد شيوخه من النساء كان بضعاً وثمانين امرأة، وكريمة المروزية كانت من شيوخ الإمام البخاري .
وأم الحسن بنت القاضي أحمد بن عبدالله الطنجالي اشتهرت بالشعر وحفظ القرآن والطب.
ويكفي القارئ أن يرجع إلى كتاب (( أعلام النساء )) ليرى الثروة العظيمة في مكتبتنا من إبداعات النساء وتميزهن في العلوم.
ولكي يكون حديثنا دقيقاً أكثر أردت أن أبين للقارئ شيوخ عالمين جليلين من علماء الأمة،
وهما الإمام الحافظ (( المنذري )) الراوي المعروف، والإمام العلامة (( ابن القيم )) رحمهما الله تعالى، فقد كان من بين شيوخهما النساء، وطلبا العلم على أيديهما.
وكذلك كان (( ابن الجوزي )) رحمه الله تعالى فقد ذكر في مشيخته أنه سمع من ثلاث نسوة، وأورد بسنده ثلاثة أحاديث عن كل واحدة منهن حديثاً.
فالنساء تميزن في التاريخ الإسلامي بالعلم وتعليم الناس، حتى قال الإمام الشوكاني مادحاً النساء العالمات والمحدثات: إنه لم ينقل عن أحد من العلماء بأنه رد خبر امرأة لكونها امرأة، فكم من سنة قد تلقتها الأمة بالقبول من امرأة واحدة من الصحابة، وهذا لا ينكره من له أدنى نصيب من علم السنة .
بل إن العجب في الأمر أن الإمام الذهبي رحمه الله كان يتحسر على عدم لقيا العالمة الجليلة
(( أم محمد سيدة بنت موسى بن عثمان المارانية المصرية ( المتوفاة سنة 695 هـ )
قال رحمه الله تعالى في ترجمتها: (( وقد رحلت إلى لقياها، فماتت وأنا بفلسطين في رجب سنة خمس وتسعين وست مئة ))، وقال أيضاً: (( كنت أتلف على لقياها، ورحلت على مصر وعلمي أنها باقية، فدخلت فوجدتها قد ماتت من عشرة أيام، توفيت يوم الجمعة سادس رجب وأنا بوادي فحمة )) .
1-كان المهر شرح كتاب أبيهاأورد العلماء في ترجمة أبي بكر الكاساني قصة حسنة تنبئ عن نبوغ بعض النساء في العلم، قالوا:
تفقه عليه الإمام أبو بكر السمر قندي وقرأ عليه معظم تصانيفه مثل (( التحفة في الفقه )) وغيرهما من كتب الأصول، وزوجه شيخه المذكور ابنته فاطمة الفقيهة العاملة، قيل: إن
سبب تزويجه بابنته أنها كانت حسناء النساء، وكانت حفظت (( التحفة )) من تصنيف والدها،
طلبها جماعة من ملوك بلاد الروم، فامتنع والدها، فجاء الكاساني ولزم والدها واشتغل بطلب العلم عليه، وبرع في علمي الأصول والفروع، وصنف (( كتاب البدائع )) وهو شرح (( التحفة )) وعرضه على شيخه، فازداد فرحاً به وزوجه ابنته وجعل مهرها منه ذلك، فقال الفقهاء في عصره: (( شرح تحفته فزوجه ابنته )). وجعل مهرها منه ذلك.
2- بنات متميزات
ألا ترى إلى بنت سعيد بن المسيب رضي الله عنهما لما أن دخل بها زوجها وكان أحد طلبة والدها، فلما أن أصبح، أخذ رداءه يريد أن يخرج، فقالت له زوجته: إلى أين تريد؟ فقال:إلى مجلس سعيد أتعلم العلم، فقالت له: اجلس أعلمك علم سعيد.
وكذلك ما روي عن الإمام مالك رحمه الله حين كان يقرأ عليه (( الموطأ )) فإن لحن القارئ في حرف أو زاد أو نقص تدق ابنته الباب، فيقول أبوها للقارئ : ارجع فالغلط معك،فيرجع القارئ فيجد الغلط.
وكذلك ما حكي عن أشهب أنه كان في المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وأنه اشترى خضرة من جارية وكانوا لا يبيعون الخضرة إلا بالخبز، فقال لها: إذا كان عشية
حين يأتينا الخبز، فأتنا نعطيك الثمن،فقالت :ذلك لا يجوز،فقال لها:ولم؟قالت:لأنه بيع طعام بطعام غير يد بيد، فسأل عن الجارية، فقيل له إنها جارية بنت مالك بن أنس رحمه الله تعالى.
جعلنا الله تعالى منهن وجمعني وإياكم في جناته العدن ولا تنسونا من خالص دعائكم